فصل: مسير المتقي إلى الموصل وعوده.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مسير المتقي إلى الموصل وعوده.

ولما انصرف ناصر الدولة وسيف الدولة عن المتقي من بغداد جاء توزون من واسط واستولى على الدولة ثم رجع إلى واسط ووقعت بينه وبين ابن البريدي بالبصرة مواصلة وصهر استوحش لها المتقي وكان بعض أصحاب توزون منافرا له فأكثر فيه السعاية عند المتقي والوزير ابن مقلة وخوفهما اتصال يده بابن البريدي وقارن ذلك اتصال ابن شيرزاده بتوزون ومسيره إليه بواسط فذكروا الخليفة بما فعل ابن البريدي معه في المرة الأخرى وخوفوه عاقبة أمرهم فكتب إلى ابن حمدان أن ينفذ إليه عسكرا يسير صحبته إليهم فأنفذ مع ابن عمه الحسين بن سعيد بن حمدان ووصلوا إلى بغداد سنة اثنتين وثلاثين وخرج المتقي معهم بأهله وأعيان دولته ومعه الوزير ابن مقلة وانتهى إلى تكريت فلقيه سيف الدولة هنالك وجاء ناصر الدولة فأصعد المتقي إلى الموصل ولما بلغ الخبر إلى توزون سار نحو تكريت فلقيه سيف الدولة عندها فقاتله ثلاثة أيام ثم هزمه توزون ونهب سواده وسواد أخيه وسار سيف الدولة إلى الموصل وتوزون في اتباعه فخرج ناصر الدولة والمتقي وجملته إلى نصيبين ثم إلى الرقة ولحقهم سيف الدولة إليها وملك توزون الموصل وبعث إليه المتقي يعاتبه على اتصاله بابن البريدي وأنه إنما استوحش من ذلك فإن آثر رضاه واصل ابن حمدان فأجاب توزون إلى ذلك وعقد الضمان لناصر الدولة على ما بيده من البلاد لثلاث سنين كل سنة بثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف وعاد توزون إلى بغداد وأقام المتقي بالرقة ثم أحس من ابن حمدان ضجرا به وبلغ سيف الدولة أن محمد بن نيال الترجمان أغرى المتقي بسيف الدولة وهو الذي كان أفسد بين المتقي وتوزون فقبض عليه سيف الدولة وقتله وارتاب المتقي بذلك فكتب إلى توزون يستصلحه وكتب إلى الأخشيد محمد بن طغج صاحب مصر يستقدمه فسار إليه الأخشيد ولما وصل إلى حلب وعليها من قبل سيف الدولة ابن عمهم أبو عبد الله سعيد بن حمدان فرحل عنها وتخلف عنه ابن مقاتل الذي كان بدمشق مع ابن رائق ولما وصل الأخشيد إلى حلب لقيه ابن مقاتل فأكرمه واستعمله على خراج مصر ثم سار إلى المتقي بالرقة فلقيه منتصف ثلاث وثلاثين فبالغ المتقي في إكرامه وبالغ هو في الأدب معه وحمل إليه الهدايا وإلى وزيره وحاشيته وسأله المسير إلى مصر أو الشام فأبى فأشار عليه أن لا يرجع إلى توزون فأبى وأشار على ابن مقلة أن يسير معه إلى مصر ليحكمه في دولته وخوفه من توزون فلم يعمل وجاءهم رسل توزون في الصلح وأنهم استحلفوه للخليفة والوزير فانحدر المتقي إلى بغداد آخر المحرم وعاد الأخشيد إلى مصر ولما وصل المتقي إلى هيت لقيه توزون فقبل الأرض ورأى أنه تحلل عن يمينه بتلك الطاعة ثم وكل به وسمل المتقي ورجع إلى بغداد فبايع للمستكفي ولما ارتحل المتقي عن الرقة ولى عليها ناصر الدولة ابن عمه أبا عبد الله بن سعيد بن حمدان وعلى طريق الفرات وديار مضر وقنسرين وجند والعواصم وحمص فلما وصل إلى الرقة طمع أهلها فيه فقاتلهم وظفر بهم ورجع إلى حلب وقد كان ولى على هذه البلاد قبله أبا بكر محمد بن علي بن مقاتل.

.استيلاء سيف الدولة على حلب وحمص.

ولما ارتحل المتقي من الرقة وانصرف الأخشيد إلى الشام بقي يأنس المؤنسي بحلب فقصد سيف الدولة وملكها من يده ثم سار إلى حمص فلقيه بها كافور مولى الأخشيد فهزمه سيف الدولة وسار إلى دمشق فامتنعوا عليه فرجع وجاء الأخشيد من مصر إلى الشام وسار في اتباع سيف الدولة فاصطفا بقنسرين ثم تحاجزوا ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة والأخشيد إلى دمشق ثم سار سيف الدولة إلى حلب فملكها وسارت عساكر الروم إليها فقاتلهم وظفر بهم ثم بلغ ناصر الدولة بن حمدان ما فعله توزون من سمل المتقي وبيعة المستكفي فامتنع من حمل المال وهرب إليه غلمان توزون فاستخدمهم ونقض الشرط في ذلك وخرج توزون والمستكفي قاصدين الموصل وترددت الرسل بينهما في الصلح فتم ذلك اخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وعاد المستكفي وتوزون إلى بغداد فتوفى توزون إثر عوده وولي الأمور بعده ابن شيرزاده واستعمل على واسط قائدا وعلى تكريت آخر فأما الذي على واسط فكاتب معز الدولة ابن بويه واستقدمه فقدم بغداد واستولى على الدولة فخلع المستكفي وبايع للمطيع وأما الذي على تكريت فسار إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل وسار معه وولاه عليها من قبله.

.الفتنة بين ابن حمدان وابن بويه.

ولما خلع معز الدولة بن بويه المستكفي عند استيلائه على بغداد امتعض ناصر الدولة ابن حمدان لذلك وسار من الموصل إلى العراق وبعث معز الدولة بن بويه قواده فالتقى الجمعان بعكبرا واقتتلوا وخرج معز الدولة مع المطيع إلى عكبرا وكان ابن شيرزاده ببغداد وأقام بها ولحق بناصر الدولة بن حمدان وجاء بعساكره إلى بغداد فنزلوا بالجانب الغربي وناصر الدولة بالجانب الشرقي ووقع الغلاء في معسكر معز الدولة والخليفة لانقطاع الميرة وبقي عسكر ابن حمدان في رخاء من العيش لاتصال الميرة من الموصل واستعان ابن شيرزاده بالعامة والعمارين على حرب معز الدولة والديلم وضاق الأمر بمعز الدولة حتى اعتزم على الرجوع إلى الاهواز ثم أمر أصحابه بالعبور من قطربال بأعلى دجله وتسابق أصحاب ناصر الدولة إلى مدافعتهم ومنعهم وبقي في خف من الناس فأجاز إليه شجعان الديلم من أقرب الأماكن فهزموه وملك معز الدولة الجانب الشرقي وأعاد المطيع إلى داره في محرم سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ورجع ناصر الدولة إلى عكبرا وأرسل في الصلح فوقف الأتراك التورونية الذين معه على خبر رسالته فهموا بقتله فأغذ السير إلى الموصل ومعه ابن شيرزاده وأحكم الصلح مع معز الدولة.